في زمن تتقدّم فيه المنظومات نحو التميّز المؤسسي والحوكمة الفاعلة، لم يعد التحدي في حجم الميزانيات أو عدد المبادرات، بل في قدرة المؤسسات على ترسيخ العدالة كقيمة تنظيمية تعكس الجدارة وتُعزّز الثقة. فالمنظومات التي تُهمِل مبدأ العدالة، مهما بلغت مواردها، تُعرّض نفسها لتآكل السمعة وتراجع الأداء الداخلي.
تُظهر بيانات أرقامي أن غياب العدالة في القرارات الإدارية والتعيينات والترقيات يؤدي إلى تراجع الأداء المؤسسي بنحو 30٪، ويُضعف ثقة الأفراد بالمؤسسة بنسبة تتجاوز 35٪ خلال ثلاث سنوات. هذه ليست مجرد ظواهر داخلية، بل نتائج ملموسة تمس الصورة العامة للجهة أمام المجتمع، وتؤثر على قدرتها على الاستمرار.
وتبرز هذه الظاهرة بوضوح في المؤسسات الأكاديمية؛ إذ يُفترض أن تكون بيئة الجدارة والمعيار العلمي، لكنها تواجه أحيانًا تحديات ترتبط بالمحاباة في التعيين، أو غياب المعايير الموضوعية في الترقيات، أو تكليفات إدارية تُبنى على العلاقة لا على الكفاءة. هذه الممارسات تُضعف الكفاءات، وتؤدي إلى تراجع البحث العلمي والإنتاج المعرفي، وتضرب سمعة المؤسسة محليًا ودوليًا.
كما توضح بيانات التقرير أن العلاقة بين السمعة المؤسسية والأداء المؤسسي علاقة إيجابية قوية: كلما كانت المؤسسة معروفة باعتبارها عادلة وشفافة، ارتفع أداؤها الداخلي والتشغيلي. هذا الارتباط يُقدّر بمعامل يقارب +0.68 (موجب)، ما يعني أن العدالة ليست فقط مبدأً أخلاقيًا، بل محرّكًا تنافسيًا واستراتيجيًا يرفع جودة القرار، يثبت الثقة، ويحمي استدامة المؤسسة.
هذا التقرير يقدّم قراءة كمية وسلوكية لثقافة “المحاباة” داخل بيئات العمل، ويقيس تكلفتها على السمعة والأداء، ثم يربطها بسياق الحوكمة والتحول في المملكة.
هذا القسم يمهّد لهيكل التقرير ويوضح ما الذي نحاول قياسه بالضبط: لسنا أمام انطباعات أخلاقية، بل أمام أسئلة كمية لها أثر إداري واقتصادي مباشر.
لتجاوز الجدل النظري (“هل المحاباة فعلاً مدمّرة؟ أم مجرد مبالغة؟”)
اعتمدنا على حالات حقيقية من مؤسسات في دول مختلفة.
كل صف هنا يمثل مؤسسة تم رصد فيها نوع محدد من المحاباة، مع قياس أثر هذه
الممارسة على السمعة الخارجية للمؤسسة، ثم على أدائها الداخلي.
nepotism_data <- data.frame(
  المؤسسة       = c("كوينزلاند", "القاهرة", "البصرة", "إشبيلية", "ستيلينبوش"),
  الدولة        = c("أستراليا", "مصر", "العراق", "إسبانيا", "جنوب أفريقيا"),
  نوع_المحاباة  = c("قبول غير مستحق", "ترقية غير عادلة", "تمويل لأقارب", "تعيين عائلي", "تكليف إداري بالمجاملة"),
  أثر_السمعة    = c(35, 40, 30, 25, 45),
  أثر_الأداء    = c(25, 30, 28, 22, 35)
)
# جدول ثابت جميل (kable)
nepotism_data %>% 
  kbl(
    caption = "جدول 1: حالات مرصودة للمحاباة وأثرها الكمي على السمعة والأداء",
    col.names = c("المؤسسة","الدولة","نوع المحاباة","أثر السمعة (٪-)","أثر الأداء (٪-)")
  ) %>%
  kable_classic(full_width = FALSE, html_font = "Tahoma") %>%
  row_spec(0, bold = TRUE, color = "white", background = "#4B0082") %>%
  row_spec(1:nrow(nepotism_data), background = "#F7F5FF")
| المؤسسة | الدولة | نوع المحاباة | أثر السمعة (٪-) | أثر الأداء (٪-) | 
|---|---|---|---|---|
| كوينزلاند | أستراليا | قبول غير مستحق | 35 | 25 | 
| القاهرة | مصر | ترقية غير عادلة | 40 | 30 | 
| البصرة | العراق | تمويل لأقارب | 30 | 28 | 
| إشبيلية | إسبانيا | تعيين عائلي | 25 | 22 | 
| ستيلينبوش | جنوب أفريقيا | تكليف إداري بالمجاملة | 45 | 35 | 
الخلاصة من الجدول:
ليست المشكلة في “خطأ فردي”، بل في نمط إداري يتكرر.
وحين تتحول المحاباة إلى أسلوب إدارة، تبدأ المؤسسة بخسارة سمعتها خارجيًا،
ثم بخسارة أدائها داخليًا (انضباط – إنتاجية – جودة قرار).
هذا القسم يجيب على سؤال محوري:
هل تراجع السمعة المؤسسية يمشي مع تراجع الأداء؟
أم أن السمعة مجرد “ضجة إعلامية” بلا أثر حقيقي على العمل الفعلي داخل
المؤسسة؟
## [1] 0.8944272
image1=ggplot(nepotism_data, aes(x = أثر_السمعة, y = أثر_الأداء, label = المؤسسة)) +
  geom_point(size = 4) +
  geom_smooth(method = "lm", se = FALSE) +
  geom_text(vjust = -1, size = 4) +
  labs(
    title    = "العلاقة بين السمعة والأداء داخل المؤسسات",
    subtitle = "ارتباط موجب قوي: سمعة عادلة ↔ أداء أفضل / سمعة متضررة ↔ أداء أضعف",
    x        = "الأثر على السمعة (نقاط سلبية أعلى = سمعة أضعف)",
    y        = "الأثر على الأداء (نقاط سلبية أعلى = أداء أضعف)"
  ) +
  theme_minimal(base_size = 13)
# 4) حفظ الرسم كصورة PNG
ggplot2::ggsave(
  filename = "image11.png",
  plot     = image1,
  width    = 7,
  height   = 5,
  units    = "in",
  dpi      = 300
)
# 5) إدراج الصورة المحفوظة نفسها داخل التقرير HTML
knitr::include_graphics("image11.png")
التحليل الإحصائي (معامل الارتباط) يبيّن علاقة موجبة قوية بين أثر الضرر على السمعة وأثر الضرر على الأداء (القيمة المحسوبة 0.89).
ماذا يعني “موجبة” هنا؟
- كلما ساءت الصورة العامة عن المؤسسة (سمعة أسوأ بسبب
محاباة/واسطة)،
- كلما سُجِّل أداء أضعف (انخفاض التزام، تعطّل قرار، هبوط جودة الخدمة).
يعني: السمعة ليست تجميل علاقات عامة. السمعة هي مرآة الأداء الداخلي.
مهم: العلاقة هنا ليست عكسية. ليست “سمعة سيئة لكن أداء قوي”.
العكس تمامًا: سمعة سيئة → أداء سيئ.
سمعة عادلة وقوية → أداء أعلى.
هنا نعرض أين يقع الضرر الأكبر: هل المشكلة فقط في اختيار أشخاص غير
مستحقين؟
أم في تكليف قيادات غير كفؤة؟
الخريطة الحرارية تسمح لنا نميّز بين ضرر “محدود محليًا” وضرر “هيكلي”.
السؤال الإداري المباشر لأي صاحب قرار:
من الأكثر تضررًا؟
هذا الرسم يدمج أثر السمعة وأثر الأداء في مؤشر واحد (متوسطهما) لمقارنة
الحالات بسرعة.
image2=nepotism_data %>%
  mutate(الضرر_الإجمالي = (أثر_السمعة + أثر_الأداء)/2) %>%
  ggplot(aes(x = reorder(المؤسسة, -الضرر_الإجمالي),
             y = الضرر_الإجمالي,
             fill = الضرر_الإجمالي)) +
  geom_col(show.legend = FALSE) +
  geom_text(aes(label = paste0(round(الضرر_الإجمالي,1), "%")),
            vjust = -0.5, size = 4, color = "black") +
  scale_fill_gradientn(
    colours = c("#008000", "#FFFF00", "#FF0000"),
    values = scales::rescale(c(0, 50, 100))
  ) +
  labs(
    title    = "المؤسسات الأكثر تضررًا من المحاباة",
    subtitle = "الأخضر = وضع مستقر نسبيًا | الأصفر = تحذير | الأحمر = خطر هيكلي",
    x        = "المؤسسة",
    y        = "مؤشر الضرر الإجمالي (%)"
  ) +
  ylim(0,100) +
  theme_minimal(base_size = 13)
# 4) حفظ الرسم كصورة PNG
ggplot2::ggsave(
  filename = "image22.png",
  plot     = image2,
  width    = 7,
  height   = 5,
  units    = "in",
  dpi      = 300
)
# 5) إدراج الصورة المحفوظة نفسها داخل التقرير HTML
knitr::include_graphics("image22.png")
في هذا الجزء نضع النتائج في سياق محلي: هل المشكلة “عالمية فقط” أم
موجودة لدينا؟
السؤال الأهم: إذا كانت هناك أدوات رقابية وتشريعية متقدمة، لماذا ما زالت
بعض أنماط المحاباة تظهر داخل بعض الإدارات؟
library(ggplot2)
sa_data <- data.frame(
  indicator = c("Share of Nepotism in Administrative Corruption (Est. 2016)", 
                "National Integrity Score"),
  value = c(62.91, 59)
)
sa_data$indicator <- factor(
  sa_data$indicator,
  levels = c("Share of Nepotism in Administrative Corruption (Est. 2016)",
             "National Integrity Score")
)
ggplot(sa_data, aes(x = indicator, y = value, fill = indicator)) +
  geom_col(width = 0.6, show.legend = FALSE) +
  geom_text(
    aes(label = ifelse(grepl("Nepotism", indicator),
                       paste0(round(value,1), "%"),
                       paste0(round(value,1), " /100"))),
    vjust = -0.5,
    size  = 3,
    color = "black"
  ) +
  scale_fill_manual(values = c("#FF0000", "#008000")) + 
  ylim(0,100) +
  labs(
    title    = "Saudi Arabia: Gap Between National Integrity and Internal Practices",
    subtitle = "Red = Historically high internal nepotism | Green = Strong national integrity framework",
    x        = "",
    y        = "Value (% or out of 100)"
  ) +
  theme_minimal(base_size = 11) +
  theme(
    plot.title    = element_text(size = 13, face = "bold", hjust = 0.5),
    plot.subtitle = element_text(size = 10, hjust = 0.5),
    axis.text.x   = element_text(size = 8, angle = 20, hjust = 1),  # ← rotate + shrink
    axis.text.y   = element_text(size = 9),
    axis.title.y  = element_text(size = 10)
  )
القيمة 62.91٪ تمثل تقديرًا منشورًا حول نسبة المحاباة (الواسطة) من
إجمالي ممارسات الفساد الإداري داخل بعض الجهات في المملكة في عام
2016.
اليوم، لا يتوفر رقم مُحدث معلن بنفس الوضوح، لكن حتى هذا الرقم التاريخي
المرتفع يرسل إشارة مهمة: المشكلة كانت كبيرة بما يكفي لتُقاس وتُذكر علنًا،
وليست هامشية.
في المقابل، الدرجة 59/100 تعكس قوة النزاهة الوطنية والحوكمة العامة
على المستوى الكلي (ترتيب دولي متقدم عربيًا).
الفجوة بين الرقمين تقول شيئًا حساسًا: الإطار الوطني قوي، لكن لا
يزال هناك جيوب داخلية تحتاج تصحيحًا إداريًا مباشرًا.
هذا الجزء عملي، ومصمم للإدارات والجامعات والجهات الرقابية. الفكرة هنا: بدل التشخيص فقط، ماذا نفعل الآن؟
الخاتمة هنا تُجيب على السؤال الأخطر: لماذا تسقط بعض المنظومات رغم أنها تبدو قوية من الخارج؟
المؤسسات لا تنهار فجأة؛ هي تضعف ببطء عندما تتحول المجاملة من استثناء
إلى قاعدة.
العدالة المؤسسية ليست خيارًا تجميليًا، بل شرط بقاء.
وكل منظومة – خصوصًا الأكاديمية – إما أن تبني العدالة داخلها، أو تبني
أزمتها بيدها.